كوكب دري
09-12-2010, 08:18 PM
السلام عليكم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
الذين يخافون من التزكية:
في مقابل هؤلاء الجهلة غير العقلاء فئة من عباد الله قلوبهم سليمة أمنوا مرض الجهل وزالت عن أعينهم أستار الغفلة, لا يمدحون أنفسهم ولا ينظرون إلى أعمالهم بفرح ولا يدِلّون بها ولا يقيمون لنهجهم أي وزن ويخافون من كل منصب ومقام ولا يرضون بمدح الناس لهم كما يقول أمير عليه السلام في أوصاف المتقين:
وإذا زكي أحدهم خاف مما يقال له ويقول: " أنا أعلم بنفسي منغيري وربي أعلم مني بنفسي اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني أحسن مما يظنون ".
العجب ذنب قلبي وحرام شرعي:
اتضح مما تقدم في معنى العجب أن العجب حالة نفسانية وعارضة معنوية باطنة, أي أن مكان العجب هو باطن الإنسان وليس بدنه وحركات أعضاء البدن - خصوصاً اللسان - تظهر ذلك أي يعلم من كلامه ومن حركات عينه ويده ورجله أنه في باطنه عجباً.
والأدلة على حرمته الشرعية من الآيات والروايات كثيرة يشار إلى بعضها.
فلا تزكوا أنفسكم:
في سورة النجم الآية 32 يقول تعالى: " فلا تزكوا أنفسكم ".
تزكية النفس تعني أن يرى الإنسان نفسه طاهراً منزهاً من العيب ويمدح نفسه بالطهارة وهو العجب الذي نهى عنه الله تعالى.
ويجب العلم بأن عيوب النفس لا تحصى وإذا أدرك شخص بعض عيوبه فإن ما لم يدركه يقيناً - أكثر. إن الإنسان يحب نفسه وهذا الحب يمنع من رؤيته لعيوبه.
وإذا شمل الفضل الإلهي حال شخص وأدرك بعض عيوبه فالطهارة من أدرانها هي يقيناً خارج حدود استطاعته. ولا يمكن لأي إنسان أن يطهر نفسه من ظلمات الباطن إن الله فقط هو القادر على تطهير عبد كما في الآية الآتية, بناءاً عليه فمن يزكي نفسه كاذب أولاً: لأنه ليس متصفاً في الواقع بأي نوع من أنواع الطهارة وهو يدعي الطهارة والتزكية ويمدح نفسه كذباً.
كما انه إذا كان واقعاً قد أصلح قسماً من عيوبه واتصف بالطهارة منها فالله هو الذي طهره وهو أعجز من أن يستطيع تطهير نفسه, إذا تصورُ أنه هو سبب الطهارة والإفتخار بها والإدلال ليس شيئاً غير الكذب ومن هنا نهى في القرآن المجيد عن تزكية النفس في عدة مواضع ثم إن تزكية النفس مرتبة من الشرك كما سيأتي.
بل الله يزكي من يشاء:
في سورة النساء يقول تعالى: " ألم ترَ إلى الذين يزكون أنفسهم, بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلاً* انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثماً مبيناً ". النساء 49 - 50.
إن الإنسان لا يملك نفعه ولا ضره ولا حياته ولا موته, وليس مستقلاً ليمكنه التخلص من النقص الذي يواجهه والتحلي بالفضائل وهو وجميع شؤونه والخير الذي يظن أنه موجود فيه وجميع أسباب ذلك كله ملك الله تعالى.من هنا يعلم أن من يزكي نفسه هو في الحقيقة يدعي الإستقلال والإستغناء عن الله ويجعل نفسه شريكاً له, وبعبارة أخرى: إن جميع أجزاء عالم الوجود هي من الله والكمالات الإنسانية هي أيضاً من مراتب الوجود, إذن كل كمال وفضيلة في أي إنسان عطاء إلهي, وكل صاحب فضيلة إذا لم يكن أعمى القلب يجب أن يفتخر بالله لا بنفسه ويمدحه ولا يمدح نفسه... وهكذا يتضح أن الشخص المعجب في عداد المشركين.
تزكية الله بحسب الإستعداد:
ويجب العلم بأن تزكية الله لمن يشاء تتم بملاحظة الإستحقاقات والإستعدادات ( القابليات ) والرغبات الحقيقية للعباد, أي أن الله يزكي كل شخص بمقدار المرتبة التي يريدها من التزكية وجاهزيته لها, وهذا مقتضى العدل الإلهي كما قال سبحانه: " ولا يظلمون فتيلاً ".
والواقع أن الإنسان المعجب بنفسه الذي يزكي نفسه ويمدحها ويرتكب بذلك ذنباً كبيراً هو الكذب والشرك يقول تعالى: " انظر كيف يفترون على الله الكذب ( إذ قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه... ) وكفى به إثماً مبيناً " لأنهم أولاً كذبوا على الله وزعموا أنهم من أوليائه والله لم يجلهم كذلك وثانياً: ولنفترض أنهم أولياء الله فتزكيتهم لأنفسهم بسبب ذلك كذب وجعل لأنفسهم بديلاً عن الله لأن كل كمال فضيلة هو عطاء الله فقط.والخلاصة إن تزكية الإنسان نفسه كذب على الله لأن التزكية هي لله فقط.
التزكية المطلوبة:
وينبغي الإلتفات إلى أن التزكية المنهي عنها التي تتحدث عنها هاتان الآيتان هي أن يمدح الإنسان نفسه ويفتخر بها بالتفصيل المتقدم, وأما التزكية الممدوحة المذكورة في سورة الشمس وغيرها فالمراد بها جهاد النفس ومصارعة أهوائها ورغباتها بترك المحرمات والمكروهات وفعل الواجبات والمستحبات ليصبح بذلك جاهزاً للتزكية الإلهية, أي يجعل الله قلبه سالماً ويطهره من كل عيب معنوي, ويخلصه من كل نقص ليوصله إلى الكمال ويجعله من أصحاب الفضائل.
مقتطفات من كتاب القلبُ السَّليم للسَّيّد عَبْد الحُسَيْن دَسْتغيْب
وفقكم الله تعالى ببركة وسداد اهل البيت عليهم السلام
(يا علي يا علي يا علي (33))
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين
الذين يخافون من التزكية:
في مقابل هؤلاء الجهلة غير العقلاء فئة من عباد الله قلوبهم سليمة أمنوا مرض الجهل وزالت عن أعينهم أستار الغفلة, لا يمدحون أنفسهم ولا ينظرون إلى أعمالهم بفرح ولا يدِلّون بها ولا يقيمون لنهجهم أي وزن ويخافون من كل منصب ومقام ولا يرضون بمدح الناس لهم كما يقول أمير عليه السلام في أوصاف المتقين:
وإذا زكي أحدهم خاف مما يقال له ويقول: " أنا أعلم بنفسي منغيري وربي أعلم مني بنفسي اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني أحسن مما يظنون ".
العجب ذنب قلبي وحرام شرعي:
اتضح مما تقدم في معنى العجب أن العجب حالة نفسانية وعارضة معنوية باطنة, أي أن مكان العجب هو باطن الإنسان وليس بدنه وحركات أعضاء البدن - خصوصاً اللسان - تظهر ذلك أي يعلم من كلامه ومن حركات عينه ويده ورجله أنه في باطنه عجباً.
والأدلة على حرمته الشرعية من الآيات والروايات كثيرة يشار إلى بعضها.
فلا تزكوا أنفسكم:
في سورة النجم الآية 32 يقول تعالى: " فلا تزكوا أنفسكم ".
تزكية النفس تعني أن يرى الإنسان نفسه طاهراً منزهاً من العيب ويمدح نفسه بالطهارة وهو العجب الذي نهى عنه الله تعالى.
ويجب العلم بأن عيوب النفس لا تحصى وإذا أدرك شخص بعض عيوبه فإن ما لم يدركه يقيناً - أكثر. إن الإنسان يحب نفسه وهذا الحب يمنع من رؤيته لعيوبه.
وإذا شمل الفضل الإلهي حال شخص وأدرك بعض عيوبه فالطهارة من أدرانها هي يقيناً خارج حدود استطاعته. ولا يمكن لأي إنسان أن يطهر نفسه من ظلمات الباطن إن الله فقط هو القادر على تطهير عبد كما في الآية الآتية, بناءاً عليه فمن يزكي نفسه كاذب أولاً: لأنه ليس متصفاً في الواقع بأي نوع من أنواع الطهارة وهو يدعي الطهارة والتزكية ويمدح نفسه كذباً.
كما انه إذا كان واقعاً قد أصلح قسماً من عيوبه واتصف بالطهارة منها فالله هو الذي طهره وهو أعجز من أن يستطيع تطهير نفسه, إذا تصورُ أنه هو سبب الطهارة والإفتخار بها والإدلال ليس شيئاً غير الكذب ومن هنا نهى في القرآن المجيد عن تزكية النفس في عدة مواضع ثم إن تزكية النفس مرتبة من الشرك كما سيأتي.
بل الله يزكي من يشاء:
في سورة النساء يقول تعالى: " ألم ترَ إلى الذين يزكون أنفسهم, بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلاً* انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثماً مبيناً ". النساء 49 - 50.
إن الإنسان لا يملك نفعه ولا ضره ولا حياته ولا موته, وليس مستقلاً ليمكنه التخلص من النقص الذي يواجهه والتحلي بالفضائل وهو وجميع شؤونه والخير الذي يظن أنه موجود فيه وجميع أسباب ذلك كله ملك الله تعالى.من هنا يعلم أن من يزكي نفسه هو في الحقيقة يدعي الإستقلال والإستغناء عن الله ويجعل نفسه شريكاً له, وبعبارة أخرى: إن جميع أجزاء عالم الوجود هي من الله والكمالات الإنسانية هي أيضاً من مراتب الوجود, إذن كل كمال وفضيلة في أي إنسان عطاء إلهي, وكل صاحب فضيلة إذا لم يكن أعمى القلب يجب أن يفتخر بالله لا بنفسه ويمدحه ولا يمدح نفسه... وهكذا يتضح أن الشخص المعجب في عداد المشركين.
تزكية الله بحسب الإستعداد:
ويجب العلم بأن تزكية الله لمن يشاء تتم بملاحظة الإستحقاقات والإستعدادات ( القابليات ) والرغبات الحقيقية للعباد, أي أن الله يزكي كل شخص بمقدار المرتبة التي يريدها من التزكية وجاهزيته لها, وهذا مقتضى العدل الإلهي كما قال سبحانه: " ولا يظلمون فتيلاً ".
والواقع أن الإنسان المعجب بنفسه الذي يزكي نفسه ويمدحها ويرتكب بذلك ذنباً كبيراً هو الكذب والشرك يقول تعالى: " انظر كيف يفترون على الله الكذب ( إذ قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه... ) وكفى به إثماً مبيناً " لأنهم أولاً كذبوا على الله وزعموا أنهم من أوليائه والله لم يجلهم كذلك وثانياً: ولنفترض أنهم أولياء الله فتزكيتهم لأنفسهم بسبب ذلك كذب وجعل لأنفسهم بديلاً عن الله لأن كل كمال فضيلة هو عطاء الله فقط.والخلاصة إن تزكية الإنسان نفسه كذب على الله لأن التزكية هي لله فقط.
التزكية المطلوبة:
وينبغي الإلتفات إلى أن التزكية المنهي عنها التي تتحدث عنها هاتان الآيتان هي أن يمدح الإنسان نفسه ويفتخر بها بالتفصيل المتقدم, وأما التزكية الممدوحة المذكورة في سورة الشمس وغيرها فالمراد بها جهاد النفس ومصارعة أهوائها ورغباتها بترك المحرمات والمكروهات وفعل الواجبات والمستحبات ليصبح بذلك جاهزاً للتزكية الإلهية, أي يجعل الله قلبه سالماً ويطهره من كل عيب معنوي, ويخلصه من كل نقص ليوصله إلى الكمال ويجعله من أصحاب الفضائل.
مقتطفات من كتاب القلبُ السَّليم للسَّيّد عَبْد الحُسَيْن دَسْتغيْب
وفقكم الله تعالى ببركة وسداد اهل البيت عليهم السلام
(يا علي يا علي يا علي (33))