المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فضـل اليد السخيّــة


السيد الحيدري
07-26-2015, 01:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجّل فرجهم يا كريم..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الإخوة والأخوات الكرام،،، حفظكم الله من كل شر ...

أرتأت إدارة " مركز نور السادة الروحي " أن تفتح باب الصدقة والكفالة بتسطير عناوين المنابر السخية المعطاءة في قسم منفرد ، ليبذر كل مؤمن بذرته بسمو الإيثار ، ووافر الرحمة ، وجميل الكرم بما تجود به نفسه على ضعاف خلق الله عز وجل ، وبما تمتد به الأيادي البيضاء لتنتشلهم من واقعهم المرير . كما أن للعطاء الرحماني تجسد روحي يظهر درجة الزهد في هذه الدنيا ، والعمل بالتوصيات المحمدية ، والنخوة العلوية ، وطاعة أهل العصمة سلام الله عليهم أجمعين ، والتخلق بأخلاقهم ، وإبراز دفين الرحمة والعطف من قلوب المحبين للعمل الخيري ممن يتوق في الوصول للمراتب العليا مع مصاف أهل المعروف والشرف ، ونيل عظيم العناية الربانية ونفحات برّه ، فهو الأُثر الأصيل الذي لا يندم العامل به ، فكما تغدق من قليل مالك على المتعفف كذلك ستغدق عليك السماء بجميل صنعك ، وستحصد غداً نبل أفعالك بعظيم تفضلك .

قال تعالى عز من قائل (( وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ )) (1)، فكم من حسرة تنتظر من لم يستغل بحبوحة حياته في الإنفاق ، وها هم في الآية الكريمة يطلبون التأجيل بعد فوات سعة الحياة طلباً للتصدق لعظيم الأجر وما ذخره الباري عز وجل للمتصدقين ، ورد عن الإمام زين العابدين عليه السلام في رسالة الحقوق في عرض حق الصدقة " فأن تعلم أنها ذخرك عند ربك، ووديعتك التي لا تحتاج إلى الإشهاد... " . وذكر في حق السائل (وأما حق السائل فاعطاؤه إذا تهيأت صدقة، وقدرت على سد حاجته، والدعاء له في ما نزل به، والمعاونة له على طلبته، وإن شككت في صدقه، وسبقت إليه التهمة، ولم تعزم على ذلك لم تأمن من أن يكون من كيد الشيطان أراد أن يصدك عن حظك ويحول بينك وبين التقرب إلى ربك، وتركته بستره، ورددته رداً جميلاً، وإن غلبت نفسك في أمره، وأعطيته على ما عرض في نفسك منه، فإن ذلك من عزم الأمور...).(2)

ونشير هنا في بعض النقاط إلى ما ينعم به المتصدق من فضل عند الله تعالى وكرامات عزيزة القدر :-
================================================== =======

1- المتصدق من أصحاب الأيادي العليا ، وهي صفة معنوية ووصف لا يناله إلا صاحب السؤدد ومن وحُمِدت شمائله وخصاله عند المولى عز وجل ، روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : "الأيدي ثلاثةٌ : فيد الله عزّ وجلّ العليا ، ويد المعطي التي تليها ، ويد السائل السفلى ، فأعطِ الفضل ولا تعجز نفسك" (3) .

2- القرب الذي يناله صاحب العطية قرب إلهي ذو مرتبة مرموقة ، فكأن يده البيضاء صاحبة المنح السخية تصافح يد المولى عز وجل بهذه العطية ، فهذا العطاء لا يأخذه إلا صاحب العزة والجلال من يد كريم إلى يد الكرم والعظمة ، ودلالاتها أن الصدقة أمر جلل لا يستهان به ، بسم الله الرحمن الرحيم { ألم يعلموا أنّ الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات } (4)

3- علاقة وطيدة تجسدها رواية النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهي تٌظهر أثر الصدقة بدفع قلم القدر حين يخط الموت المحتوم بميتة سوء والتي يستنكفها المؤمن ، روي عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " الصدقة تدفع ميتة السوء "(5)

4- إعالة بيت من بيوت المسلمين وإشباع جوعهم وضمان كسوتهم لهو أفضل من سبعين حجة ، مع القدر الكبير للثواب الذي يناله الحاج إلاً أن إعالة الفقير لها من المنزلة عند الله تعالى الشيء العظيم ، وما أحب مولانا الإمام الصادق ( عليه السلام ) إعالة أهل الفاقة إلا لجلال قدر هذا العمل ، فقد روي عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: (( لان أحج حجة أحب إلي من أن أعتق رقبة ورقبة حتى انتهى إلى عشرة ومثلها حتى انتهى إلى سبعين ، ولان أعول أهل بيت من المسلمين أشبع جوعتهم وأكسو عورتهم وأكف وجوههم عن الناس أحب إلي من أن أحج حجة وحجة وحجة حتى انتهى إلى عشر وعشر وعشر ومثلها [ومثلها] حتى انتهى إلى سبعين. )) (6)

5- الصدقة هي الظل يوم القيامة ، يوم تستعر نار جهنم بشررها ، روي عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : "أرض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظله " (7)

6- في الصدقة دفع البلاء بل هي جُنة للمتصدق مما ينزل عليه من الشرور ، وحصنه الدنيوي مما يتصيده من الرزايا والعثرات ، روي عن أبا عبدالله (عليه السلام) أنه قال : "بكروا بالصدقة وارغبوا فيها فما من مؤمن يتصدق بصدقة يريد بها ما عند الله ليدفع الله بها عنه شر ما ينزل من السماء إلى الارض في ذلك اليوم إلا وقاه الله شر ما ينزل من السماء إلى الارض في ذلك اليوم " (8) .

7- الصدقة باب من أبواب الرزق ، فهي سبيل لكثرة المال وأن لكل شئ مفتاحا ومفتاح الرزق الصدقة ، كون الصدقة مردودة لصاحبها مالاً مضاعفاً في الدنياً ، وثواباً عظيماً في الآخرة ، روي عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : "تصدقوا فإن الصدقة تزيد في المال كثرة وتصدقوا رحمكم الله " (9) .

8- التصدق اختبار رباني ، فقد يعترضك عارض طالباً الصدقة والإحسان ، فلا تعرض بوجهك عنه حتى لا تعرض عنك الفيوض الرحمانية فتكون لغيرك ، روي عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: كان فيما ناجى الله عز وجل به موسى (عليه السلام) قال: (( يا موسى أكرم السائل ببذل يسير أو برد جميل لانه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ، ملائكة من ملائكة الرحمن يبلونك فيما خولتك ويسألونك عما نولتك فانظر كيف أنت صانع يا ابن عمران.)) (10) .

9- حتى الفقير يتصدق ويعطي من سعته وبقدر جهده فهي باب لفرجه وغناه ، روي عن أبى الحسن (عليه السلام) أنه قال: قلت له: أوصني فقال: آمرك بتقوى الله ثم سكت فشكوت إليه قلة ذات يدي وقلت: والله لقد عريت حتى بلغ من عريتي إن أبا فلان نزع ثوبين كانا عليه وكسانيهما، فقال: صم وتصدق، قلت: أتصدق مما وصلني به إخواني وإن كان قليلا؟ قال: " تصدق بما رزقك الله ولو آثرت على نفسك "(11)

10- اختبار قوة الإيمان بدفع الصدقة ، فما أن يهم المؤمن بالعطية حتى يبرز له الشيطان الرجيم متوعداَ بالفقر والعوز وأنها عطية لا يرجى منها خيراً ، فإن صارت لك الغلبة وجادت يدك بالمنح فقد فككت صدقتك ممن يمنعون عن الاتيان بالبر أو المعروف ، روي عن عبدالله بن سنان قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: الصدقة باليد تقي ميتة السوء وتدفع سبعين نوعا من أنواع البلاء وتفك عن لحى سبعين شيطانا كلهم يأمره أن لا يفعل)) . (12)

11- إعالة اليتيم توجب الجنة ، بأن تتكفل بمؤونته حتى يودع الإملاق ويجد من الغنى ما يرفعه عن الطلب ، روي عن عليّ (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال : "من عال يتيماً حتّى يستغني، أوجب الله عزّ وجلّ له بذلك الجنّة كما أوجب لآكل مال اليتيم النار" . (13)

والله تعالى أعلم ،،،

نسأل الله لكم التوفيق ببركة وسداد أهل البيت عليهم السلام

(يا علي يا علي يا علي)

-----------------------------------------------------------------------

(1) سورة المنافقون الآية 10
(2) رسالة الحقوق للإمام زين العابدين عليه السلام .
(3) الخصال 1/66 ص119
(4) سورة التوبة آية 104
(5) الكافي - للكليني ج 4
(6) نفس المصدر
(7)نفس المصدر
(8)نفس المصدر
(9)نفس المصدر
(10)نفس المصدر
(11)نفس المصدر
(12)نفس المصدر
(13) الكافي - للكليني ج:7 ص:51