عرض مشاركة واحدة
قديم 01-17-2023, 11:37 AM   رقم المشاركة : 2
الأَنْجُمُ الزّاهِرَةُ
مرشدة سير وسلوك
 
الصورة الرمزية الأَنْجُمُ الزّاهِرَةُ








الأَنْجُمُ الزّاهِرَةُ غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الوصايا الخمس للاستفادة من الأشهر المباركة

إحياء الليالي بالعبادة والدعاء

و[الثالث] السهر أي إحياء الليل، يعني ينبغي أن يهتمّ بليالي شهر رجب وشعبان وشهر رمضان، وعلينا أن نعرف قيمة هذه الليالي، فإنها تختلف عن غيرها من الليالي، فهذه الليالي لها خصوصيّة، وإن كانت ليالي شعبان لها خصوصيّات مختلفة، وهي مهمّة أيضاً؛ فإحياء ليلة النصف من شعبان فضيلة، وكان المرحوم العلاّمة يحيها في كلّ سنة مع رفقائه وأصدقائه، وكان يقرأ فيها دعاء كميل.. فالإحياء مهمّ جداً، نعم ليس من الضروري في هذا الإحياء أن يشتغل الإنسان دائماً بالصلاة والذكر، فلا إشكال في صرف بعض الوقت في مطالعة مطالب العظماء، أو قراءة أدعية شهر رجب، أو يستمع إلى من يقرؤها، وقد كنت أشاهد أنّ المرحوم العلاّمة في الكثير من ليالي شهر رجب وشعبان (عندما كان في طهران، وكذا بعد انتقاله إلى مشهد) كان يستمع إلى تسجيلات الأدعية التي سجّلها له بعض الإخوة.
وفي ليالي شهر شعبان كان يستمع إلى المناجاة الشعبانيّة، وهذه المناجاة عجيبة جداً، وكان يستمع إليها كلّ ليلة، وكانت دموعه تنهمر على خدّيه أثناء ذلك. وفي شهر رجب كان يستمع إلى الأدعية التي سجّلت له أيضاً.
وكذا كان يستمع إلى الأشعار، أشعار العرفاء أمثال أشعار حافظ الشيرازي ومولانا وابن الفارض، فإنّ هذه الليالي هي الوقت التي تقرأ فيه هذه الأشعار.. فهذه الأيّام والليالي هي محلّ قراءة هذه الأشعار، فالأشعار والحقائق تترك أثرها الخاص في نفس الإنسان في هذه الليالي، بالإضافة إلى الأدعية والآثار المنقولة عن الأئمة عليهم السلام، فإنّ آثارها محفوظة هي الأخرى، حيث جرى التوصية على استمرار قراءة أدعية شهر رجب، وكذا أدعية شهر شعبان وشهر رمضان. وفي شهر رجب على الإخوة حتماً أن يقرؤوا هذه الأدعية جميعاً، فإذا لم يستطيعوا قراءتها جميعاً فليقرءوا اثنين أو ثلاثة منها، وليلتفتوا إلى معانيها؛ لا يقرءوها دون التفات إلى المعاني، فإنّ الأفضل للإنسان أن يقرأ هذه الأدعية مع التمعّن بالمعاني، حتّى يمكنه أن يستفيد إلى حدّ ما من روحية هذه المضامين.
ويقرأ دعاء مكارم الأخلاق خصوصاً في شهر رجب وشهر شعبان، فله مضامين عالية جداً، وإن لم يستطع أن يقرأه كل يوم، فليقرأه في الأسبوع مرة. وكذا يقرأ الزيارة الجامعة الكبيرة في شهر رجب، فإنّ الأولياء أكّدوا على الاهتمام بقراءتها، وكنت أرى كيف كانوا يداومون على قراءة الزيارة الجامعة الكبيرة خصوصاً في شهر رجب، حيث كانوا يقرءون دعاء مكارم الأخلاق والزيارة الجامعة الكبيرة، بالإضافة إلى قراءة المناجيات الخمسة عشر للإمام السجّاد عليه السلام في شهري رجب وشعبان، وقراءتها في هذين الشهرين له أثر واضح وبيّن؛ كمناجاة المحبّين ومناجاة التائبين ومناجاة المريدين، كان الأولياء والعظماء يؤكدون كثيراً على قراءة المناجاة الخمسة عشر في شهر رجب. من هنا كان المرحوم السيّد الحدّاد يقرأ في كل يوم من أيّام رجب واحدة أو اثنتين من هذه المناجيات بصوته، سواء في النهار أو في الليل أثناء صلاة الليل. هذه أدعية شهر رجب.
وقد ذكرنا مسألة إحياء الليالي بأنّها جيدة، نعم من الأفضل للإنسان أن ينام مقدار ساعة أو ساعتين، ليجدّد بذلك قواه، وبعدها ينهض للإحياء بهذه الأمور. إذ ليس من الصحيح أن يحيي الإنسان الليل بحالة من التعب، لقد قرأتم في الروح المجرّد أن المرحوم العلاّمة ذكر بأنّه ينبغي أن يأكل شيئاً لتبقى النفس بحالة من النشاط، لكن لا يأكل شيئاً ثقيلاً؛ بل يأكل فاكهة أو تمراً، ويتناول الشاي مع التمر، بحيث لا يثقله هذا الطعام، فإن أكلت شيئاً وشعرت بأن قلبك انقبض فتوقف مباشرة، حتى لو فرضنا أنّ الباقي كان قليلاً، فاتركه! دع حالة النشاط والخفّة هي الغالبة عليك، هذا هو الطريق الأفضل للحصول على النشاط المطلوب.

العزلة وعدم إضاعة الوقت في علاقات فارغة

و[الأمر الرابع] العزلة وهي بمعنى الابتعاد
عن الأشخاص والأحداث غير المفيدة وغير الضروريّة؛ كأن يشغل الإنسان نفسه بمسائل لا قيمة لها أبداً، إذ لا فائدة في ذلك، بل عليه أن يبتعد عنها، وعليه أن يبتعد عن العلاقة مع الناس، تلك العلاقات التي لا تجلب سوى إضاعة الوقت، كأن يخرج الإنسان من منزله ويقول: ما زال لديّ ساعة لكي يفتح الدكّان أو تفتح الإدارة.. يقول فلأذهب في هذه الساعة إلى فلان، وبعد ذلك نذهب إلى الدكّان أو الإدارة، أو أن يكون لديه عمل في مكان معيّن، فيقول بما أنّ هناك ازدحام في ذلك المكان الآن، فلنذهب لزيارة فلان.. جميع هذه اللقاءات لا فائدة فيها ولا نتيجة منها، إذ لا هدف وراءها ولا غرض، بل هي مجرّد إتلاف للوقت. فهل على الإنسان أن يضيّع وقته في مثل هذه الأمور، ويصرفه في مثل هذه اللقاءات؟!! إنّ صرف الوقت بالنسبة إلى الأشخاص الذين لا هدف لديهم لا إشكال فيه، كأن يجلس ساعة أو ساعتين للحديث، أما الذين يشعرون بالحاجة ومن يعتبر بأنّ لديه حساباً وكتاباً فهذا عليه أن يفكّر بمطالب أكثر أهمية.. عليه أن يلتفت إلى أنّ اللقاء مع أيّ شخص لا يمكن أن يمرّ هكذا، بل إنّه يترك أثراً في النفس، وهذا الأثر من جملة الآثار التي يصعب نزعها من النفس والتخلّص منها، إذ تتغيّر حالة الإنسان معها، لذا لم يأمر العظماء بالعزلة عبثاً. طبعاً المراد بالعزلة ليس بمعنى الانعزال والترك، بل بمعنى تصحيح العلاقات لا الانعزال، أي عليه أن يتخلّى عن الزوائد لا الضروريّات!وكذا الحال في ارتباط الأخ بأخيه، عليه أن يلاحظ هذه المسألة حتّى تكون هذه العلاقات هادفة، لا أن تمرّ كيفما كان.

الذكر وحقيقته

و [الخامس] الذكر الدائم،
والمراد بالذكر هو أن يكون الإنسان في حالة التوجّه؛ سواء كان يلفظ الذكر أم لا، أن يرى دائماً أنّ الله تعالى حاضرٌ وناظر، فلا يغفل أبداً عنه ولا ينسى حضوره، فإذا فرضنا أن ضيفاً مّا كان في المنزل، فكم يكون الإنسان ملتفتاً في تعامله ومنتبهاً؟! علينا أن نتعامل بجزء من هذا المقدار مع الله تعالى، لا نقول بهذا المقدار تماماً!! [ولكن على الأقلّ] علينا أن نحسب لله حساباً وندخله في حسابنا.

ضرورة الاستمرار على هذه الأمور بشكل دائم

وهذه الأمور الخمسة ينبغي أن تكون بشكل دائم
، لا خصوص الذكر، بل الصمت بشكل دائم، والجوع والسهر والعزلة وكذا الذكر جميعاً ينبغي أن تكون بشكل دائم، أما إذا لم تكن بشكل دائم بل بشكل مؤقت؛ كأن يذكر يوماً وينسى يومين، أو يفعل ذلك ثلاثة أيام، وبعد ذلك ينسى.. فإن كان كذلك فلا فائدة فيه.

كنت يوماً ـ قبل أن أضع العمامة وكان عمري حدود ثمانية عشر أو تسعة عشر عاماً ـ أمشي هنا في قم وكنت عائداً من الحرم، فالتقيت بشخص في الشارع، فسلّم عليّ وسألني عن أحوالي فقط.. وكان من المخالفين لهذا الممشى؛ حيث كان من أصدقاء المرحوم العلاّمة ثم انفصل عنه.. فسلّم وسألني عن أحوالي وأبدى شوقه إليّ وتجامل معي.. فشعرت بأنّ حالتي قد تغيرت لمدّة أسبوع، فلم يعد لديّ حضور قلب في الصلاة، ولا توجّه ولا شيء.. كلّ ذلك بسبب سلامٍ فقط!! فلننظر أنّنا خلال اليوم أيّ بلاء ننزله على أنفسنا؟! حيث نتحدّث مع أيّ شخص، ونجادل أياً كان، ونتحادث على التلفون بأحاديث لا طائل منها، نتناول أرقام الهاتف ونبدأ بالرقم الأول إلى الأخير، طوال اليوم.. يا أخي كفى! لقد احترق الهاتف! إن لم تكلّ أذنك فنفس الهاتف قد احترق!! وإذا لم نتّصل نحن يتّصلون بنا، فلا يبقى لنا هدوء، يا أخي ابق ساعتين أو ثلاث بصمت.. فالحياة ليست تلفون فقط، والحياة ليست موسيقى وضوضاء وأخبار وغيرها من المطالب.. لماذا علينا أن نعمل كما يعمل الآخرون؟! من قال بأنه علينا أن نفعل مثلهم؟! لماذا لا يفعل الآخرون مثلنا؟!
هذه الأمور ينبغي أن تكون بشكل دائم، ينبغي أن تحصّل المراقبة حتى نحافظ على تلك الحالة التي أتتنا كضيفٍ وحلّت في قلبنا.. ينبغي أن نحسن ضيافتها، لا أن نطردها خارجاً..
في الحالة التي حصلت لي نتيجة السلام بقيت أسبوعاً بحالة منقلبة إلى أن ذهبت إلى السيّدة المعصومة وتوسّلت بها، وقلت: لن أعود إلى هذا الخطأ مرة أخرى.. إلى أن منّت عليّ والحمد لله.. هذا كلّه بسبب سلام فقط، انظروا إلى الأثر السيّئ الذي تركه!!
عندما أقول للإخوة بأنّ عليهم أن يلتفتوا، وأنّ عليهم ألاّ يرتبطوا بأي شخص كان.. إنّما هو لأجل ذلك، وفائدته ترجع إليكم أنتم، والنتيجة تحصلون عليها بأنفسكم، جرّبوا ذلك.. ابقوا مدّة لا تستمعون فيها لأحد، وانظروا ماذا سيحصل؟!
هذه المسائل جرّبت، لقد جرّب العظماء هذه المسائل واختبروها، وأعطونا نتيجة تجاربهم تلك، حتى لا نجرّب مرّة ثانية؛ لأنّ الله تعالى لم يمنح الإنسان عمرين!
حسناً! نسأل الله تعالى أن نكون في هذه الأشهر المباركة والفرصة الخاصّة والضيافة المخصوصة التي منحها الله لعباده وأوليائه من الموفّقين لهذه الضيافة في هذه الأشهر، وأن نحصل على ذلك الكمال المرجوّ من هذه الأمور كما قال الشعر المتقدّم: نا تمامان جهان را كند اين پنج تمام‏ (فهذه الخمسة ستجعل غير الكاملين في العالم كاملين‏)، وأن يُنضج الثمر الفجّ ويكمل الناقص ويقوّي الضعيف ويوصل الاستعدادات إلى الفعليّة. إن شاء الله.
نسأل الله أن يوصلنا إلى هذه الكمالات تحت ظلّ إمام العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف الذي هو واسطةٌ في هذا الفيض.. واتّفاقاً بعض أدعية شهر رجب وصلت من ناحيته. وكان المرحوم العلاّمة يوصي بأنه ينبغي أن نقوّي الالتفات إلى مقام الولاية، وعلى الإنسان أن يشعر بحضور تلك النفس المقدسة في جميع مفاصل وجوده وفي تمام آثار الحياة.

مقتطف من محاضرة لسماحة آية اللـه ـ


السيّد محمّد محسن الحسيني الطهراني
حفظه اللـه






التوقيع

🌿النظر كالأكل!🌿

النظر كالأكل، فكأنك تتناول كل ما تنظر إليه. والله يقول: «فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِه» ؛ أي لينظر ما يدخل إلى روحه. فالرؤية ليست مرور مَشاهد من أمام أعيننا. فإن ما ننظر إليه سيدخل بكل ما فيه من دنس وطهارة إلى أرواحنا، وسوف لا يخرج منها بهذه البساطة.
علي رضا_بناهيان

اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ صَبْراً جَميلاً ، وَ فَرَجاً قَريباً ، وَ قَولاً صادِقاً ، وَ اَجْراً عَظيماً ، اَسْاَلُكَ يا رَبِّ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ ما عَلِمْتُ مِنْهُ وَ ما لَمْ اَعْلَمْ .





  رد مع اقتباس