عرض مشاركة واحدة
قديم 01-17-2023, 11:34 AM   رقم المشاركة : 1
الأَنْجُمُ الزّاهِرَةُ
مرشدة سير وسلوك
 
الصورة الرمزية الأَنْجُمُ الزّاهِرَةُ








الأَنْجُمُ الزّاهِرَةُ غير متواجد حالياً

افتراضي الوصايا الخمس للاستفادة من الأشهر المباركة

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّ على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجّل فرجهم يا كريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تأكيد الأولياء على عظمة الأشهر الثلاثة

الأشهر الثلاثة المباركة التي سنستقبلها بعد قليل، ينبغي أن نلتفت إليها و نهتمّ بها، فالوصايا التي كان العظماء يؤكّدون عليها حول الدخول في هذه الأشهر الثلاثة (رجب وشعبان وشهر رمضان)، لم يكونوا يؤكّدون على مثلها في غير هذه الأشهر. وفي الواقع أظنّ أن الذي كانوا يريدونه من هذا التأكيد هو القول بأن نتيجة الأشهر التسعة التي تقدّمت في المراقبة والذكر والحركة، ينبغي أن تحصّل هذه النتيجة في هذه الأشهر الثلاثة، والإنسان عند دخول شهر رجب يشعر بأن الفضاء يتغيّر، ألم تشعروا بأن الفضاء والجوّ وتلك الحالة النفسانيّة والخصوصيّات تتغير في هذا الوقت؟! إنّ هذه المسألة ملاحظة بشكل كامل، وبالأخصّ في شهر رجب، وكذا شهر شعبان وبعده شهر رمضان الذي يشتمل على ليالي القدر، والتقدير الإلهي يصل إلى مرحلة الإنجاز في هذا الشهر، يعني عندما يدخل شهر رجب تبدأ حركة المشيئة الإلهيّة وسيرها نحو التشكّل والتحدّد.

البدء بتشكل المشيئة الإلهية في شهر رجب

عندما يريد الرسّام أن يرسم لوحة، يشرع في البداية بوضع الألوان وسائر الأمور.. بحيث يصير من أوّل الأمر مشخّصاً لدى الناظر الاتجاه الذي تسير فيه هذه اللوحة. وعندما يصل إلى الأخير تصير هذه اللوحة واضحة جداً، وتصير الصورة مشخّصة.
إنّ المشيئة الإلهيّة والتقدير الإلهيّ الذي يكتب للإنسان في السنة القادمة يبدأ من أوّل شهر رجب، ثم شيئاً فشيئاً يبدأ بالتشكّل، لذا كان الأولياء يوصون دائماً بأنـّه ينبغي على الإنسان أن يحافظ على نفسه أكثر في هذه الأشهر. لقد كنتَ إلى الآن محافظاً على لسانك وتصرفاتك، ومحافظاً على أعمالك.. لكن من الآن فصاعداً لتكن هذه المحافظة بشكل أكبر.
كان المرحوم العلاّمة في مثل هذه المجالس دائماً يذكر هذا الشعر:
صَمت وجُوع وسَهَر وعُزلت و ذكرى بدوام نا تمامان جهان را كند اين پنج تمام
(الصمت والجوع والسَهَر والعُزلة ودوام الذِكر؛ هذه الخمسة ستجعل غيرَ الكاملين في العالم كاملين).

أهميّة الصمت والضرر المترتّب على الكلام

فالصمت يعني السكوت في غير الموارد الضرورية، فنحن إذا نظرنا إلى أنفسنا نرى أنّ الأصل عندنا هو الكلام إلاّ إذا لم يعد لدينا قدرة على الكلام، أو إذا لم يعد هناك مستمع! فنحن نتكلّم ونتكلّم مثل المسجّل.. إلى أن يتوقّف! مثلاً نذهب للقاء الأخ، نسأله كيف حالك كيف أوضاعك وما هي الأخبار؟ وهكذا..! يا أخي لماذا تسأل عن الأوضاع؟ فأوضاعه جيّدة جدّاً، ولا يوجد أيّ شيء جديد.. لكن لا بد من الكلام. حتى الآن لم نتّخذ هذا الأصل أساساً لنا بأن نجعل السكوت هو الأساس، فما الذي حصلنا عليه من هذا الكلام الفارغ؟! خصوصاً الكلام الذي يجري على مائدة الطعام! فما إن توضع السفرة حتى نبدأ بالكلام، ونقول الخضار لم ينظّف جيداً، والخبز لم ينضج بعد.. يا أخي دعنا نكمل الطعام، لا داعي لهذا الكلام.
كنت في أحد الأيام جالساً على مائدة مع بعض الأشخاص الذين كانوا يتحدّثون فيما بينهم، فقمت بتسجيل الحوار دون أن يشعر أحد بذلك، وبعد انتهاء الطعام قلت لهم: أفرغوا الكلام الموجود في هذه المسجلة على الورق، وانظروا ما الكلام الذي دار في هذه النصف ساعة؟! يا أخي تناول طعامك وأنت ساكت؛ إذ التكلّم أثناء الطعام مكروه، والسكوت أثناء الطعام أفضل وأسلم للمعدة، ويمكنها هضمه بشكل أفضل؛ لأنّ الهواء يدخل إلى الجوف إذا تكلّم الإنسان أثناء تناول الطعام، بالإضافة إلى أنّ النبي والأئمّة والأولياء لم يكونوا يتكلّمون أثناء الطعام. فقد جلسنا على مائدة المرحوم السيّد الحدّاد والمرحوم الوالد، وقرأنا في الكتب بأنّهم لم يكونوا يتكلّمون، بل كانوا يتناولون طعامهم بهدوء وسكوت... وسوف نتعرّض لبيان هذه المسألة في جلسات عنوان بشكلٍ مفصل، وسنبيّن أنّه عندما يتحدّث الإنسان يخرج من نفسه شيء معين، وتصير نفسه خالية منه، بينما الأشخاص الذين لا يتكلمون يبقون مليئين، والأشخاص الذين يبقون ساكتين لديهم استقرار، ولديهم اطمئنان.. وليس المراد أن يبقى الإنسان ساكتاً حتى في الموارد الضروريّة.. يقول: نحن لدينا تكليف بأن لا نتكلّم! لا ليست المسألة كذلك، والضـرورة بدورها معلومة والإنسان يعلم متى يتحدّث ومتى لا يتحدّث.
عادةً نرى أنّ الناس يبنون علاقاتهم على أساس التكلّم، هذا الأمر خطأ! أحد مباني السير والسلوك خلاف ذلك تماماً؛ أي أنّ الأصل هو السكوت!
عندما كنّا نذهب إلى العلاّمة الطباطبائي أو يأتي إلينا، لم يكن يتحدّث ما لم يُسأل، بل كان يبقى ساكتاً.. نعم، في موردين أو ثلاثة كان هو الذي فتح الحديث مع الحقير دون أن أسأله، لكن ذلك كان نادراً منه. لذا نرى كم كان رزيناً ومتيناً وكم كانت نفسه مطمئنّة وكم كان مليئاً؟! أمّا إذا أراد الإنسان أن يتحدّث، ونفسه تحاول أن تقضي الأوقات في الكلام، فهذه الحالة بنفسها ضرر؛ أي حالة انتظار أن نتحدّث بشيء، فهذه الحالة بنفسها أمر سيّئ، سواء تحدثنا أم لم نتحدث. لذا ينبغي أن يكون بناؤنا إذا كنّا في مكانٍ ما أن نبقى ساكتين، إلاّ إذا طرأ مطلب أو جرى سؤال عن شيء.. امتحنوا ذلك، وشاهدوا النتيجة!
في هذه الأشهر الثلاثة كان العظماء يوصون بأنّه ينبغي مراعاة هذه المسألة بشكل أكبر، أي أنّه ينبغي على الإنسان حتّى الإمكان أن لا يتحدث في المنزل، لا أن يمتنع عن الكلام أساساً، فهذا أمر خطأ، لكن عليه أن يراعي هذا المطلب.
وهذا الأمر كما يجري في الكلام فإنّه يجري في الاستماع أيضاً (وإن كان الكلام أثره أعظم من السماع)؛ فإذا فرضنا أنّ شخصاً في المنزل يشغّل الراديو بشكل دائم، بحيث أنّ صوته لا ينقطع عن أذن الإنسان، [فذلك أمر خاطئ].. يا عزيزي الإنسان بحاجة إلى سكوت وهدوء، ألا يكفي ما يسمعه من الأصوات والضوضاء في الشارع وخارج المنزل؟! وهكذا الأمر بالنسبة إلى استماع الحديث والكلام.
ينبغي على الإنسان أن يراعي هذا المطلب في هذه الأشهر الثلاثة بالخصوص، وسوف نرى آثاره بشكل مباشر.

مراعاة الجوع وأهميّة الصوم في هذه الأشهر

الثانية الجوع، لكن لا الجوع المضرّ، بمعنى أنّه على الإنسان أن يترك نفسه جائعاً، ولكن بحيث لا يغلبه الضعف، وأفضل حالة للسالك من الناحية الجسمانيّة هي أن لا يشعر بثقل في معدته، بل أن يشعر بالخفة، لا الضعف، فمثلاً عندما يأكل التفاح يرى بأنه تكفيه نصف تفاحة، فهنا عليه أن لا يتناول النصف الثاني، بل إذا أكل النصف الأول وشعر بأنه امتلأ فليترك النصف الثاني جانباً، أو قد يشعر بذلك عند تناول ربع التفاحة، فليكتف بها دون الباقي. هذا معنى الجوع، لا الجوع بمعنى الضعف، فإن الضعف ليس مطلوباً ولا صحيحاً، بل أثره سلبي.
من الجوع الصوم، لذا في هذه الأشهر الثلاثة جرى التأكيد على الصوم.. نعم، الصوم في شهر رمضان واجب، أمّا في هذين الشهرين فنرى أنّ العظماء كانوا يكثرون الصوم فيهما؛ ولدينا في الروايات بأنّ رسول الله كان يصوم هذه الأشهر الثلاثة، وكان يصِل شهري رجب وشعبان بشهر رمضان. وللصوم في هذين الشهرين آثار كبيرة جداً، نعم، هذا بالنسبة إلى الذين لا مانع لديهم من الصوم من مرض أو ضعف، و أمّا من كان كذلك؛ فليكتف بتناول المقدار القليل من الطعام، وليقلّل مقدار الطعام فيها حتى تستطيع النفس الاستفادة بشكل أفضل من العنايات والبوارق والنفحات التي تصل إلى القلب، ولا يشغل نفسه بالطعام والجهاز الهضمي، بل عليه أن يبقى حرّاً من هذه الجهة، وإن بقي حرّاً أمكنه أن يستفيد أكثر من هذه النفحات.
لذا كان المرحوم العلاّمة يقول بأنّه ينبغي على الإخوة أن يسعوا للصوم ثلاثة أيّام في الأسبوع على الأقل في هذين الشهرين، وأمّا الأيّام الأربعة الباقية فبحسب حاله ووضع معدته، والهدف من ذلك أن يحافظ على فضيلة الصوم في هذه الأيام، بحيث أنّه إن أفطر يوماً وأراد بدنه أن يعتاد على الطعام؛ صام في اليوم التالي ويستمر على ذلك. وأمّا الذين ليس لديهم أيّ إشكال في الصوم، فليصوموا جميع الشهر! ما المانع في ذلك! وليتنعّموا ببركات الصوم والفوائد المترتّبة عليه في هذين الشهرين.

يتبع....🕊🕊⏬







التوقيع

🌿النظر كالأكل!🌿

النظر كالأكل، فكأنك تتناول كل ما تنظر إليه. والله يقول: «فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِه» ؛ أي لينظر ما يدخل إلى روحه. فالرؤية ليست مرور مَشاهد من أمام أعيننا. فإن ما ننظر إليه سيدخل بكل ما فيه من دنس وطهارة إلى أرواحنا، وسوف لا يخرج منها بهذه البساطة.
علي رضا_بناهيان

اَللّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ صَبْراً جَميلاً ، وَ فَرَجاً قَريباً ، وَ قَولاً صادِقاً ، وَ اَجْراً عَظيماً ، اَسْاَلُكَ يا رَبِّ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ ما عَلِمْتُ مِنْهُ وَ ما لَمْ اَعْلَمْ .





  رد مع اقتباس