بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين الأشراف وعجل فرجهم يا كريم
اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَوْلادِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَصْحابِ الْحُسَيْنِ.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
" يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي " ... ( 2 )
اغتنام فرص العمر :
ولو تأملنا حياة الناجحين والعظماء لخلصنا إلى أن حياتهم كانت مجموعة فرص استثمروها فحازوا على النجاح، وعلى العكس تماماً نجد أن حياة الفاشلين مجموعة من الفرص الضائعة.
لقد جاء الإسلام بمنهج تكون فيه اللحظة ذات انتاج عظيم إذا ما إلتزم الفرد بهذا المنهج، فمثلاً (لا إله إلا الله) جملة لا تستغرق منك سوى لحظات لكنك ستحصد ثمارها في الجنة إذا اغتنمتها في دار الدنيا وتعودت على تكرارها ولو في القلب.
ولنا في حياة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) خير نموذج يحتذى به إن أردنا أن نربح الحياة بطبيعة الحال.
فكانوا _عليهم أفضل الصلاة والسلام_ لا يجدون في حياتهم فراغاً والكتب والدراسات تتناول سيرة النبي وأهل بيته (عليهم السلام) تزخر بهذه الشواهد العظيمة.
فهذا مالك _إمام المذهب المالكي_ يقول عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام: (كان جعفر لا يخلو من إحدى ثلاث خصال: إما مصّلِ، وإما صائم، وإما يقرأ القرآن)
إنما أنت عدد أيام:
قال تعالى: {وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11)} سورة فاطر.
وكما جاء في الحديث الشريف (الدنيا مزرعة الأخرة) لذلك ينبغي للمؤمن أن يسعى بكل ما يملك من طاقة نحو تسخير هذه المزرعة من أجل ثمار أينع وظل أوفر، قبل أن يغمض عينيه ويفتحها ويرى نفسه وقد سلبت قوتها وشبابها وصحتها وغناها وحياتها كلها وهذه هي الفرص الأهم في هذه الحياة، إن الزمن يقرض حياتنا فهو كالمنشار الذي يعمل في الشجرة حتى يجعلها تهوي أرضاً. قال الإمام علي عليه السلام:(ما نقصت ساعة من دهرك إلا بقطعة من عمرك) غرر الحكم.
وفي حديث آخر يقول عليه السلام:(إنما أنت عدد أيام فكل يوم يمضي عليك يمضي ببعضك) غرر الحكم.
لا تغفل عن حياتك:
يقول الإمام الصادق (عليه السلام): (إذا بلغت ستين سنة فاحسب نفسك في الموتى) بحار الأنوار ج37، ص390.
إن الجهل سبب من أسباب الغفلة عن اغتنام الوقت واستغلاله فيحسب المضيّع لوقته أن المال أغلى وأولى بالإهتمام بينما يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك)بحار الأنوار ج77، ص76.
إن الوقت لا ينتظر الإنسان بل سيخطفه خطفة لا يشعر بها ليجد نفسه أمام الميزان في يوم الحساب.
بادروا للعمل :
قال الإمام علي (عليه السلام): (بادروا للعمل، وخافوا بغتة الأجل، فإنه لا يُرجى من رجعة العمر ما يرجى من رجعة الرزق) نهج البلاغة /ح114
إن جميع القفزات الحضارية التي حققها الإنسان على مر العصور إنما أحرزها باستغلاله لعامل الزمن وبالتفاته إلى أهمية اغتنام الفرص فالاكتشافات والاختراعات لم تكن لولا الخلوة الهادفة ولحظات التفكير المركز.
هل تتصور أن (أرخميدس) توصل إلى اكتشاف قاعدة تساوي الماء المزاح مع حجم الجسم الطافي وهو يستحم حتى خرج من الحمام يصرخ وجدتها.. وجدتها، وهذا يعرف بقانون الطفو.
وكان البعض منهم يستفيد من وقته الضائع وهو في طريقه إلى المنزل أو العمل في التفكير أو القراءة أو غير ذلك، فالعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي (رض) كتب قسماً كبيراً من موسوعته المعروفة باسم (بحار الأنوار) وهو على ظهر البعير أثناء سفره وتنقله.
والشهيد الأول (محمد جمال الدين مكي العاملي) الذي ألف رسالة (اللمعة الدمشقية) الفقهية _وهو في ظرف صعب_ وهو في السجن في سبعة أيام.
إن ما ذكرناه يتخلص في ضرورة المحافظة على حياتك بعيداً عن التلف والضياع وذلك بالمحافظة على وقتك واستثماره في البناء والعطاء والعمل الصالح.
((الوقت هو الحياة)).... أليس كذلك؟!!
للموضوع بقية >>>
والله تعالى أعلم
نسأل الله لكم التوفيق ببركة وسداد أهل البيت عليهم السلام
(يا علي يا علي يا علي)